الشاعر والأديب والمُفكر الكبير جبران خليل جبران لم يكن شاعراً ولا أديباً ولا مُفكراً ولا رساماً فحسب لكنه كان أيضاً مُعلماُ روحياً ومناضلا انسانياً ثائراً ضد الظلم والضعف والتخلف فهو لم ينسى أبداً قضاياً وطنه رغم انغماسه فى الأدب والرسم .
بينما كان متربعاً على قمة مجده الأدبي، تمكّن منه المرض، فوافته المنية في مستشفى القديس "فنسنت" في نيويورك في العاشر من نيسان من العام 1931، ونقلت رفاته الى لبنان في 21 آب من العام نفسه، ودفن في دير مار سركيس قرب بشري بحسب وصيته، في المكان الذي كان يحلم بالعودة إليه. وقد أوصى بمعظم رسومه لصديقته ماريل هاسكل التي ساعدته في طريقه الى مجده الأدبي والفني، وبأمواله لأخته مريانا التي ساعدته أيام عسره، بما كانت تجنيه بإبرتها، وبريع كتبه لبلدته بشري. وبموته بدأ جبران يعيش فينا بأدبه وفنه وفكره.
وبعد لقد اخترت لكم هذه القصيدة المُتفردة فى أدب شعراء المهجر ومازلت أذكرها فقد درستها أيام كنت طالبا فى المرحلة الثانوية :)
أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 1 )
قصيدة البلاد المحجوبة للشاعر والأديب والمُفكر الكبير جبران خليل جبران
هُـو ذا الفجْرُ، فقومي ننْصَرِفْ .. عـنْ بلادٍ ما لنا فيها صديقْ
ما عسـى يرْجو نباتٌ يختلِفْ .. زهْرُهُ عـنْ كُلِّ ورْدٍ وشقيقْ
وجديدُ القلْــبِ أنَّى يأْتَلِفْ .. معْ بلادٍ كلُّ ما فيها عتيقْ
هو ذا الصبحُ يُنادي، فاسمعي .. وهلمِّي نقتفي خطْواتِـــهِ
قدْ كفانَا منْ مسَــاءٍ يدَّعي .. أنَّ نورَ الصًّبْحِ منْ آيَــاتِهِ!
***
قدْ أقمْنا العُمْرَ في وادٍ تسيرْ .. بيْنَ ضلعيْهِ خيالاتُ الهمـومْ
وشَهِدْنا اليأسَ أسراباً تطـيرْ .. فوق متنيْهِ كعِقبانٍ وبُــومْ
وشرِبنا السُّقمَ منْ ماءِ الغديرْ .. وأكلْنا السُّمَّ منْ فِجِّ الكرومْ
ولبسْنا الصَّبْرَ ثوْباً فالتهَـبْ .. فـغدوْنا نتردَّى بالرَّمَــادْ
وافترشْناهُ وِساداً فانقَلـبْ .. عنـدما نمْنا هشيماً وقَتَـادْ
***
يا بلاداً حُجِّبَـتْ منْذُ الأزَلْ .. كيفَ نرْجوكِ ومنْ أيْنَ السَّبيلْ
أيُّ قَفْرٍ دونهــا؟ أيُّ جبَلْ .. سورُها العالي؟ ومنْ منَّا الدَّليلْ؟
أسرابٌ أنتِ؟ أمْ أنْتِ الأمَلْ؟ .. في نفـوسٍ تتمنَّى المستـحيلْ؟
أمَنامٌ يتهادى في القلــوبْ .. فإذا ما اسْتيْقَظَتْ ولَّى المنـامْ؟
أمْ غيومٌ طُفْنَ في شمْسِ الغروبْ .. قبلَ أنْ يغْرقْنَ في بحْرِ الظلامْ؟
***
يا بِلادَ الفِكْرِ يا مهْدَ الأُلى .. عَبَدوا الحقَّ، وصلُّوا للجمَالْ
ما طلبْناكِ بركْبٍ أوْعلى .. متْنِ سُفْنٍ، أوْ بخيْلٍ ورِجالْ
لسْتِ في الشرقِ ولا الغرْبِ ولا .. في جنوبِ الأرْضِ أوْ نحْوَ الشِّمالْ
لسْتِ في الجَوِّ ولا تحْتَ البِحارْ .. لسْتِ في السَّهْلِ ولا الوعْرِ الحَرِجْ
أنتِ في الأرواحِ أنْوارٌ ونارْ .. أنتِ في صدْري فؤادٌ يخْتلِجْ
=========================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق