الخميس، 20 فبراير 2014

قصيدة شنق زهران للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور




أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 6 ) 


قصيدة شنق زهران للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور 




وثوى فى جبهة الأرض الضياء

ومشى الحزن إلى الأكواخ

تنين

له ألف زراع

كل دهليز زراع

من أذان الظهر حتى الليل

يا الله

فى نصف نهار

كل هذي المحن الصماء فى نصف نهار

مذ تدلى رأس زهران الوديع

******

كان زهران غلاما

أمه سمراء ، والأب مولّّّّّد

ُوبعينيه وسامه

وعلى الصدغ حمامه

وعلى الزند أبو زيد سلامه

ممسكا سيفا ، وتحت الوشم نبش كالكتابه

اسم قرية

( دنشواي )

شب زهران قويا

ونقيا

يطأ الأرض خفيفا

وأليفا

كان ضحاكا ولوعا بالغناء

وسماع الشعر في ليل الشتاء

ونمت في قلب زهران ، زهيره

ساقها خضراء من ماء الحياه

تاجها احمر كالنار التي تصنع قبله

حينما مر بظهر السوق يوما

ذات يوم...

مر زهران بظهر السوق يوما

واشترى شالا منمنم

ومشى يختال عجبا ، مثل تركى معمم

ويحيل الطرف ..... ما أحلى الشباب

عندما يصنع حبا

عندما يجهد أن يصطاد قلبا

******

كان ياما كان

أن زفت لزهران جميله

كان ياما كان

ان انجب زهران غلاما .. وغلاما

كان ياما كان

أن مرت لياليه الطويله

ونمت فى قلب زهران شجيره

ساقها سوداء من طين الحياه

فرعها أحمر كالنار التى تحرق حقلا

عندما مر بظهر السوق يوما

ذات يوم

مر زهران بظهر السوق يوما

ورأى النار التى تحرق حقلا

ورأى النار التى تصرع طفلا

كان زهران صديقا للحياه

ورأى النيران تجتاح الحياه

مد زهران إلى الأنجم كفا

ودعا يسأل لطفا

ربما ... سورة حقد فى الدماء

ربما استعدى على النار السماء

وضع النطع على السكة والغيلان جاءوا

وأتى السياف مسرور وأعداء الحياه

صنعوا الموت لأحباب الحياه

وتدلى رأس زهران الوديع

قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع

قريتي من يومها تأوى إلى الركن الصديع

قريتي من يومها تخشى الحياه

كان زهران صديقا للحياه

مات زهران وعيناه حياه

فلماذا قريتي تخشى الحياه

==========
 

قصيدة دموع على ضريح القلب للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور





أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 5 )


قصيدة دموع على ضريح القلب للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور


جنوب .. ياجنوب

يامرتع الظباء

ياموئل الحبيب

يازهرة ً فواحةً

تحبها القلوب

جنوب أرضك كالجنان

ملأى بأنواع الحنان

وثراك مسك أدفر

ورباك من حب الجمان

والناس في صحرائك

كالورد في الروض المصان

******

جنوب أنت في دمي

وفي إفترارة مبسمي

في ضحكتي .. في دمعتي

في مسحة الحزن التي

تغفو على شاطيء فمي

******

جنوب أمي في رباك

وأبي هناك ...

على بساطٍ من ثراك

وأنا تسيل مدامعي

ويثور في صدري هواك

أنفاس أمي وأبي

في الجو تعبق كالعبير

وحديثهم كحنين حسونٍ حزين

يذوب مع همس الخرير

وأطيافهم بيضاء تبدو

كالملائك في السماء

كدعاء قديس

يرفرف بين هالات الضياء

في كل شيءٍ في الوجود أراهما

ربي سألتك أن تبل ثراهما

أتراهما .. ياحسرتي

يسمعان صدى النواح

والريح تعول في المساء

وفي الصباح

******

جنوب لا تقس علي

فأنا حزين تائه

وهواك أغلى مالدي

هذا فؤادي

فوق سطح الطرس أهديه لكم

فتقبلوه ..

فهو آخر ماتبقى في يدي .

====================


قصيدة ركض فى الأحشاء للشاعر العباسى الشريف الرضى


أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 4 ) 

قصيدة ركض فى الأحشاء للشاعر العباسى الشريف الرضى

بكائية الشريف الرضى فى رثاء أمه من أروع قصائد الرثاء فى الشعر العربى

لنتذوق معاً تلك البكائية التى كتبها الشاعر فى رثاء أمه والتى اخترتها لكم من قصائد كثيرة للشاعر الشريف الرضى 



ابكيك لو نقع الغليل بكائـــــي وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بِدائي 

وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي 

طوراً تكاثرني الدموع وتارة آوي الى اكرومتي وحيــــائي 

كم عبرة موهتهــــــا باناملي وسترتها متجملاً بردائي 

ابدي التجلد للعدو ولو درى بتَمَلْمُلي لَقَدِ اشتَفَى أعدائي 

ما كنت اذخر في فداك رغيبة لو كان يرجع ميت بفداءِ 

لو كان يدفع ذا الحمام بقــوة لتكدست عصب وراءَ لوائي 

بِمُدَرَّبِينَ عَلى القِرَاعِ تَفَيَّأُوا ظِلَّ الرّمَاحِ لكُلّ يَوْمِ لِقَاءِ 

قَوْمٌ إذا مَرِهُوا بِأغبابِ السُّرَى كَحَلُوا العُيُونَ بإثمِدِ الظّلْمَـاءِ 

يَمشُونَ في حَلَقِ الدّرُوعِ كأنّهُمْ صم الجلامد في غدير المـاءِ 

ببروق ادراع ورعد صوارم وغمام قسطلة ووبل دماءِ 

فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي ونسيت فيك تعززي وابائي 

وَصَنَعْتُ مَا ثَلَمَ الوَقَارَ صَنيعُهُ مما عراني من جوى البرحاءِ 

كم زفرة ضعفت فصارت انة تَمّمْتُهَا بِتَنَفّسِ الصُّعَداءِ 

لَهفَانَ أنْزُو في حَبَائِلِ كُرْبَة ٍ مَلَكَتْ عَليّ جَلادَتي وَغَنَائي 

وجرى الزمان على عوائد كيده في قلب آمالي وعكس رجائي 

قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا مِمّا ألَمّ، فكُنتِ أنْتِ فِدائـي 

وَتَفَرُّقُ البُعَداءِ بَعْدَ مَوَدَّة ٍ صعب فكيف تفرق القرباءِ 

وَخَلائِقُ الدّنْيَا خَلائِقُ مُومِسٍ للمنع آونة وللاعطــاءِ 

طوراً تبادلك الصفاء وتارة تَلْقَاكَ تُنكِرُهَا مِنَ البَغضَاءِ 

وَتَداوُلُ الأيّامِ يُبْلِينَا كَمَـــــا يُبلي الرّشَاءَ تَطاوُحُ الأرْجَاءِ 

وَكَأنّ طُولَ العُمْرِ روحَة ُ رَاكِبٍ قضى اللغوب وجد في الاسراءِ 

أنْضَيتِ عَيشَكِ عِفّة ً وَزَهَادَة ً وَطُرِحْتِ مُثْقَلَة ً مِنَ الأعْبَاءِ 

بصِيَامِ يَوْمِ القَيظِ تَلْهَبُ شَمْسُهُ وقيام طول الليلة الليلاءِ 

ما كان يوما بالغبين من اشترى رغد الجنان بعيشة خشناءِ 

لَوْ كَانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَــرّة ٍ غني البنون بها عن الآباءِ 

كيف السلو وكل موقع لحظة اثر لفضلك خالد بازائي 

فَعَلاتُ مَعرُوفٍ تُقِرّ نَوَاظِرِي فَتَكُونُ أجْلَبَ جالِبٍ لبُكائي 

مَا مَاتَ مَنْ نَزَعَ البَقَاءَ، وَذِكْرُهُ بالصّالحاتِ يُعَدّ في الأحْيَاءِ 

فبأي كف استجــن واتقي صَرْفَ النّوَائِبِ أمْ بِأيّ دُعَاءِ 

ومن الممول لي اذا ضاقت يدي ومن المعلل لي من الادواءِ 

ومن الذي ان ساورتني نكبة كَانَ المُوَقّي لي مِنَ الأسْوَاءِ 

أمْ مَنْ يَلِطّ عَليّ سِتْرَ دُعَائِهِ حَرَماً مِنَ البَأسَاءِ وَالضّرّاءِ 

رُزءانِ يَزْدادانِ طُولَ تَجَدّدٍ أبَدَ الزّمَانِ: فَناؤها وَبَقائي 

شهد الخلائق انها لنجيبة بدَليلِ مَنْ وَلَدَتْ مِنَ النُّجَبَاءِ 

في كل مظلم ازمة أو ضيقة يَبْدُو لهَا أثَرُ اليَدِ البَيْضَاءِ 

ذَخَرَتْ لَنا الذّكرَ الجَميلَ إذا انقضَى ما يذخر الآباء للابناءِ 

قَدْ كُنْتُ آمُلُ أنْ يَكُونَ أمامَها يومي وتشفق ان تكون ورائي 

آوي الى برد الظلال كأنني لِتَحَرّقي آوِي إلى الرّمضَاءِ 

واهب من طيب المنام تفزعاً فزع اللديغ نبا عن الاغفاءٍِ 

آبَاؤكِ الغُرّ الّذِيــــــنَ تَفَجّرَتْ بِهِمُ يَنَابيعٌ مِنَ النّعْمَاءِ 

مِنْ نَاصِرٍ للحَقّ أوْ داعٍ إلى سبل الهدى أو كاشف الغماءِ 

نزلوا بعرعرة السنام من العلى وَعَلَوا عَلى الأثْبَاجِ وَالأمْطَاءِ 

من كل مستبق اليدين الى الندى وَمُسَدِّدِ الأقْوَالِ وَالآرَاءِ 

يُرْجَى عَلى النّظَرِ الحَدِيدِ تَكَرّماً ويخاف في الاطراق والاغضاءِ 

دَرَجُوا عَلى أثَرِ القُرُونِ وَخَلّفُوا طُرُقاً مُعَبَّدَة ً مِنَ العَلْيَاءِ 

يا قبر امنحه الهوى واود لو نزفت عليه دموع كل سماءِ 

لا زَالَ مُرْتَجِزُ الرّعُودِ مُجَلْجِلٌ هَزِجُ البَوَارِقِ مُجلِبُ الضّوْضَاءِ 

يرغو رغاء العود جعجعه السرى وَيَنُوءُ نَوْءَ المُقرِبِ العُشَرَاءِ 

يقتاد مثقلة الغمــــــام كانما ينهضن بالعقدات والانقاءِ 

يهفو بها جنح الدجى ويسوقها سوقَ البِطَاءِ بِعاصِفٍ هَوْجَاءِ 

يرميك بارقها بافلاذ الحيا وَيَفُضّ فِيكَ لَطائِمَ الأنْداءِ 

متحلياً عذراء كل سحابة تَغْذُو الجَمِيمَ برَوْضَة ٍ عَذْرَاءِ 

للومت ان لم اسقها بمدامعي وَوَكلْتُ سُقْيَاهَا إلى الأنْوَاءِ 

لهفي على القوم الالى غادرتهم وعليهم طبق من البيداءِ 

مُتَوَسّدِينَ عَلى الخُدُودِ كَأنّمَا كرعوا على ظمأ من الصهباءِ 

صور ضننت على العيون بلحظها أمْسَيْتُ أُوقِرُها مِنَ البَوْغَاءِ 

وَنَوَاظِرٌ كَحَلَ التُّرَابُ جُفُونَها قد كنت احرسها من الاقذاءِ 

قربت ضرائحهم على زوارها ونأوا عن الطلاب اي تنائي 

وابئس ما تلقى بعقر ديارهم أُذْنُ المُصِيخِ بِهَا وَعَينُ الرّائي 

معروفك السامي انيسك كلما وَرَدَ الظّلامُ بوَحشَة ِ الغَبْرَاءِ 

وضياءُ ما قدمته من صالح لك في الدجى بدل من الاضواءِ 

إنّ الذي أرْضَاهُ فِعلُكِ لا يَزَلْ تُرْضِيكِ رَحْمَتُهُ صَبَاحَ مَسَاءِ 

صَلّى عَلَيكِ، وَما فَقَدْتِ صَلاتَهُ قَبلَ الرّدَى ، وَجَزاكِ أيّ جَزَاءِ 

لَوْ كَانَ يُبلِغُكِ الصّفيحُ رَسَائِلي او كان يسمعك التراب ندائي 

لَسَمِعتِ طُولَ تَأوّهي وَتَفَجّعي وعلمت حسن رعايتي ووفائي 

كَانَ ارْتِكاضِي في حَشاكِ مُسَبِّباً رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أحشائي

==========

قصيدة الحب فى هذا الزمان للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور



أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 3 ) 
قصيدة الحب فى هذا الزمان للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور

أولاً نص القصيدة 

تَسْأَلُنِى رَفِيْقَتِى : مَا آخِرِ الطَّرِيْقْ

وَهَلْ عَرَفْتُ أَوَّلَهْ

نَحْنُ دُمًى شَاخصَهْ

فَوْقَ سِتَارٍ مُسْدَلَهْ

خُطًى تَشَابَكَتْ بِلاَ ..

قَصْدٍ عَلِى دَرْبٍ قَصِيْرٍ ضَيَقِ

اللهُ وَحْدَهُ الذِى يَعْلَمُ مَا غَايَةُ هَذَا الْوَلَهِ المُؤرِّقِ

يَعْلَمُ هَلْ تُدْرِكُنَا السَّعَادَهْ

أَمْ الشَّقَاءُ وَالنَّدَمْ ؟

وَكَيْفَ تُضَعُ النَّهَايَةُ المُعَادَهْ

المَوْتُ ... أَوْ نَوَازِعُ السَّأَمْ ؟

يُسَلِّمُونَ فِى فُتُورْ ...

يُدِّعُونَ فِى فُتُورْ ...

*

الحُبْ يَا رَفِيْقَتِى ، قَدْ كَانْ

فِى أَوَّلِ الزَّمَانْ

يَخْضَعُ للتَرْتِيْبِ وَالحُسْبَانْ

" نَظْرَةٌ ، فَابْتِسَامَةٌ ، فَسَلاَمٌ

فَكَلاَمٌ ، فَمَوْعِدٌ ، فَلِقَاءُ "

اليَوْمَ .. يَا عَجَائبَ الزَّمَانْ !

قَدْ يَلْتَقِى فِى الحُبِّ عَاشِقَانْ

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْتَسِمَا

ذَكَرْتِ أَنَّنَا كَعَاشِقَيْنْ عَصْرِيَّيْنِ ، يَارَفِيْقَتِى

ذُقْنَا الذِى ذُقْنَاهْ

مِنْ قَبْلِ أَنْ نَشْتَهِيْهْ

وَرَغْمِ عِلْمِنَا

بِأَنَّ مَانَنْسِجَهُ مُلاءَةً لِفَرْشِنَا

تَنْقُضُهُ أَنَامِلُ الصَّبَاحْ

وَأَنَّ مَا نَهْمِسُهُ ، نُنْعِشُ أَعْصَابَنَا

يَقْتُلُهُ البُواحْ

فَقَدْ نَسْجْنَاهُ

وَقَدْ هَمَسْنَاهُ

*

الحُبُ فِى هَذَا الزَّمَانِ يَا رَفِيْقَتِى ...

كَالحُزْنِ ، لاَيَعِيْشُ إِلاَّ لَحْظَةَ البُكَاءْ

أَوْ لَحْظَةَ الشَّبَقْ

الحُبُ بَالْفطَانَةِ اخْتَنَقْ

إِذَا افْتَرَقْنَا ، يَا رَفِيْقِتِى ، فَلْنَلْقِ كُلَّ اللوْمْ

عَلَى زَمَانِنَا

وَلْنَنْفُض الأَيْدِى فِى التَّذْكَارِ وَالنَّدَمْ

وَلْنَمْسَحِ الظِّلاَلَ عَنْ عُيُونِنَا

وَلْنَبْتَسِمْ فِى ثِقَةٍ ، بِأَنَّ مَا حَدَثْ

كَانَ إِرَادَةَ القَدَرْ

وَأَنَّ آمِرًا أَمَرْ

وَأَنَّنَا قَدْ اسْتَجَبْنَا للذِى نُحِسُّهُ

حِيْنَ قَتَلْنَا حِسَّنَا

وَأَنَّ مَا مَضَى

أَهْوَنُ مِنْ أَنْ نَحْمُلُهُ كَأَمْسِنَا

مِنْ أَنْ يَمدَّ ظِلَّهُ البَغِيْضْ

عَلَى شَبَابِنَا

وَلْنَنْطَلِقْ مُغَامِرِيْنَ ضَائِعِيْنَ فِى البِحَارِ العَكِرَهْ

نَمدُّ جِسْمَنَا الجَدِيْبَ ، وَالضُّلُوعَ المُقْفَرَهْ

فِى الغُرَفِ الجَدِيْدَةِ المُؤَجَّرَهْ

بَيْنَ صُدُورٍ أُخَرٍ مُعْتَصِرَهْ

***

صلاح عبد الصبور 

=================

ثانيا دراسة تحليلية للقصيدة بعنوان 

موقف صلاح عبد الصبور من موضوع الحب في الشعر العربي الحديث

بقلم /  آمنة عمايرية على موقع ديوان العرب 

صلاح عبد الصبور هو شاعر اصطبغ موقفه من هذا الموضوع بصبغة حزينة وجاء ممتزجا بتجربته في الحزن، ذلك»لانعكاس كآبة الواقع على مشاعر الحب واصطباغ هذه التجربة بسوداوية الحياة« [1] أو الواقع الذي»يحاول وأد تجربة الحب « [2]، حيث يقول صلاح عبد الصبور:

وداعا يا نجمي الأوحد
ولأن الأيام مريضة
ولأن الليل الموحش يولد فيه الرعب
لن نجني... حتى الحب 

ومن هذا المنطلق يصور صلاح عبد الصبور مدى مأساوية العالم و الواقع فهو»واقع معتم يحول دون إتمام تجربة حب حقيقة، ويحول دون صفاء المحبين« ، وتنعكس مأساوية العالم والواقع على المحبين عندما يصور صلاح عبد الصبور»المحبين أو العشاق تصويرا مأساويا، فالعشاق في القصيدة المعاصرة نماذج إنسانية معذبة مجهدة، يائسة ولقاءات العشاق – في هذه القصيدة- لقاءات تساند بين كائنين إنسانيين هدمهما الواقع واستلب ما بهم من قدرة على الإشراق والاستمرار، والحلم« [5]، حيث يقول في قصيدته» يا نجمي... يا نجمي الأوحد«:

وسنجلس في الركن النائي.. قطين ألفين
مقرورين
نتحسس ما أبقت أيام الذل على وجهي المكدود
وعلى خديك من الألم الممدود 

كما أن سوداوية الواقع لم تأثر وحدها على موضوع الحب عند صلاح عبد الصبور بل أيضا هشاشته وزيفه أدى إلى انحراف»الحب عن هدفه الأسمى، والتدني به من خلال ربطه بمظاهر الابتذال والإسفاف« [7]، مما جعل صلاح عبد الصبور يعلن سأمه من زمن القرن العشرين حيث يقول:

هذا زمان السأم

نفخ الأراجيل سأم

ذبيب فخد امرأة بين أليتي رجل سأم 

ونرى سآمته وكآبته تزداد كلما استحضر المرأة واستنجد بها حينما يقول:

صديقتي عمي صباحا، إن أتاك في الصباح
هذا الخطاب من صديقك المحطم المريض
وادعي له إلهك الوديع أن يشفيه
وسامحيه، كيف يرجو أن ينمق الكلام
وكل ما يعيش فيه أجرد كئيب؟
فقلبه كسير
وجسمه مغلل إلى فراشه الصغير
وبالجراح والآلام قلبه كسير

ويعلن الشاعر أن الحب »لم يعد كما كان، الحب في هذا الزمان خاضع للتحول، فإذا أحب الفارس اليوم فمن يدري- في الغد – هل يكون في العيون وجدها أو يكون فيها حقدها، وفي القديم كان الحب »يخضع للترتيب والحسبان «كانوا يقولون، نظرة فابتسامة فسلام...إلخ، أما اليوم فإن العاشق العصري قد يلتقي بمحبوبته» من قبل أن يبتسما«، وقد يذوق العاشقان ما يذوقانه قبل أن يشتهياه، فالحب لحظة شبق، تضيع قبل أن تتحدد أبعادها أو يعرف الممارسان لها أحدهما الآخر، وهذا ما حدث للشاعر ذات يوم في فينا«، حيث يقول:

الحب يارفيقتي، قد كان
في أول الزمان
يخضع للترتيب والحسبان
نظرة فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء
اليوم يا عجائب الزمان
قد يلتقي في الحب عاشقان
من قبل أن يبتسما
ذكرت أننا كعاشقين عصريين يا رفيقتي
ذقنا الذي ذقناه
من قبل أن نشتهيه
الحب في هذا الزمان يا رفيقتي
كالحزن لا يعيش إلا لحظة البكاء 

ويبدو هنا أن الشاعر كلما حفر في – تيمة الحب- كلما طالعته أنباء الخيبة والانكسار، إذ لم يعد حب المرأة بالطقوس نفسها التي درج عليها المحبون القدامى، وإنما صار هذا الحب العصري حوار أجساد بدلا من حوار الأرواح، وبذلك اختفت نكهة الإيماء وسادت الرتابة والإسفاف، فقد أصبح الحب»شيئا مبتذلا ، ينمو في ظروف غير طبيعية، فلم يعد في ذلك الغموض الجذاب المثير الذي كان يلهب عاطفة وخيال الشاعر الرومانسي ولذلك فهو لا يولد غير الأسى والسأم« [13]، وتقول الدكتورة كاميليا عبد الفتاح: »يقارن صلاح عبد الصبور بين الحب في هذا الزمان وما قبله مقارنة تؤكد تأثر معاني الحب في التجربة المعاصرة بإيقاع الحياة ولونها النفسي، وبأنه – أي الحب – تجربة محكوم عليها بالإخفاق لإخفاق الواقع المحيط بها ذاته.« [14]

كما أن الواقع وزيفه حال دون تحقيق رغبة شاعرنا في إيجاد حب حقيقي صاف، ويؤكد هذا الدكتور صبري حافظ حيث يقول أن: »زيف الواقع وتبعثر الأحلام فيه وتناثرها مزقا وأشلاء، ووقوع فرسانه أسرى قضبان الصمت، وسيطرة المواضعات الجائرة على ظروفه الحضارية، وإحساس الشاعر بالاغتراب عن تنعمات المدينة وعن الدور الحقيقي للشعر والكلمات، وتمزقه إزاء هذا الوضع الراعب المذل كل هذا خلق في أعماق فارسنا توقا عميقا، صادقا وصوفيا إلى واحة ضئيلة من العواطف البريئة الصافية. « 

وتتعمق مأساة الحب لدى صلاح عندما يتحول الإنسان إلى مجرد دمى شاخصة ، جامدة لا تملك الإحساس بالحب:

تسألني رفيقتي ما آخر الطريق
وهل عرفت أوله
نحن دمى شاخصة
فوق ستار مسدلة
خطى تشابكت بلا
قصد، على درب قصير ضيق
الله وحده يعلم ما غاية هذا الوله المؤرق
يعلم هل تدركنا السعادة
أم الشقاء والندم

ويكون الواقع المر أو»الأيام الجهمة«سببا في موت الحب بالنسبة لصلاح عبد الصبور، وما موت الحب عنده »إلا لأن الشاعر فقد القدرة عليه، فحزنه المقيم إن يكن قد هبط إلى الأعماق حين رانت عليه أنفاس الحب البكر، لقد عاد هذا الحزن ينقر في قلبه بعد أن استنفذت تجربة الحب أثرها، بل ربما عاد الحزن في هذه المرة مضاعفا بعد أن أضيف إليه الحزن على موت الحب وفقدان القدرة عليه« ، حيث يقول صلاح في قصيدته»رسالة إلى سيدة طيبة«:

أشقى ما مر بقلبي أن الأيام الجهمة
جعلته يا سيدتي قلبا جهما
سلبته موهبة الحب
وأنا لا أعرف كيف أحبك
وبأضلاعي هذا القلب 

وهكذا فإن المرأة عند صلاح عبد الصبور لم تعد موضوع غزل قديم وإنما استحالت إلى نظير يعيد توازن الأشياء ويبحث عن أشياء وراء حدود الأنوثة ولحظة الاشتهاء إلى البراءة والإخلاص والإنسانية والوفاء، وبذلك يبتعد الحديث عن المرأة عن ثقافة الغزل الرومانسي، كما أن الحب عند صلاح عبد الصبور أضحى وسيلة للمعرفة وتحقيقا للإنسانية والإنسان، وما»قيمة الحب الإنساني إلا واحدة من قيم كثيرة، افتقدها الشاعر الحداثي وعانى من ضياعها، في دروب الحياة الجهمة...مما يكون به الإنسان إنسانا، وعندها يتحول هذا الجذب الروحي إلى معاناة في التجربة الشعرية« [19]،كما هو الحال عند الشاعر صلاح عبد الصبور الذي كان الحب عنده سببا في معاناته وحزنه ومن ثم فإن ثيمة الحزن و ثيمة الحب سارتا جنبا إلى جنب في شعره لتعبر عن موقف الشاعر من موضوع الحب.


المصدر 

http://www.diwanalarab.com/spip.php?article34012





قصيدة المساء للشاعر الكبير إيليا أبو ماضى




أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 2 ) 

قصيدة المساء للشاعر الكبير إيليا أبو ماضى 


السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين

و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين

لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد

سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

سلمى ... بماذا تحلمين ؟

*********

أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟

أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟

أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟

أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما

أظلالها في ناظريك

تنمّ ، يا سلمى ، عليك

إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق

يرجو صديقاً في الفـلاة ، وأين في القفر الصديق

يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق

بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام

لا يستطيع الانتصار

و لا يطيق الانكسار

*********

هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك

فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك

لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك

و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب

مثل اكتئاب العاشقين

سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

*********

بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟

أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟

أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟

أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى

و الكوخ كالقصر المكين

و الشّوك مثل الياسمين

*********

لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع

يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع

إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع

لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى

أحلامه و رغائبه

و سماؤه و كواكبه ؟

*********

إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها

لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها

كلّا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها

ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها

و العندليب صداحه

لا ظفره و جناحه

*********

فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح

واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح

و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح

من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان

لا تبصرين به الغدير

و لا يلذّ لك الخرير

*********

لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا

و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى

مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى

ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته

أزهاره لا تذبل

و نجومه لا تأفل

*********

مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات

إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة

قدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة

قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا

فيه البشاشة و البهاء

ليكن كذلك في المساء

قصيدة البلاد المحجوبة جبران خليل جبران




الشاعر والأديب والمُفكر الكبير جبران خليل جبران لم يكن شاعراً ولا أديباً ولا مُفكراً ولا رساماً فحسب لكنه كان أيضاً مُعلماُ روحياً ومناضلا انسانياً ثائراً ضد الظلم والضعف والتخلف فهو لم ينسى أبداً قضاياً وطنه رغم انغماسه فى الأدب والرسم .


بينما كان متربعاً على قمة مجده الأدبي، تمكّن منه المرض، فوافته المنية في مستشفى القديس "فنسنت" في نيويورك في العاشر من نيسان من العام 1931، ونقلت رفاته الى لبنان في 21 آب من العام نفسه، ودفن في دير مار سركيس قرب بشري بحسب وصيته، في المكان الذي كان يحلم بالعودة إليه. وقد أوصى بمعظم رسومه لصديقته ماريل هاسكل التي ساعدته في طريقه الى مجده الأدبي والفني، وبأمواله لأخته مريانا التي ساعدته أيام عسره، بما كانت تجنيه بإبرتها، وبريع كتبه لبلدته بشري. وبموته بدأ جبران يعيش فينا بأدبه وفنه وفكره.

وبعد لقد اخترت لكم هذه القصيدة المُتفردة فى أدب شعراء المهجر ومازلت أذكرها فقد درستها أيام كنت طالبا فى المرحلة الثانوية :)

أروع قصائد الفُصحى .. قصائد فى ذاكرتى ( 1 ) 

قصيدة البلاد المحجوبة للشاعر والأديب والمُفكر الكبير جبران خليل جبران 

هُـو ذا الفجْرُ، فقومي ننْصَرِفْ .. عـنْ بلادٍ ما لنا فيها صديقْ

ما عسـى يرْجو نباتٌ يختلِفْ .. زهْرُهُ عـنْ كُلِّ ورْدٍ وشقيقْ

وجديدُ القلْــبِ أنَّى يأْتَلِفْ .. معْ بلادٍ كلُّ ما فيها عتيقْ

هو ذا الصبحُ يُنادي، فاسمعي .. وهلمِّي نقتفي خطْواتِـــهِ

قدْ كفانَا منْ مسَــاءٍ يدَّعي .. أنَّ نورَ الصًّبْحِ منْ آيَــاتِهِ!

***

قدْ أقمْنا العُمْرَ في وادٍ تسيرْ .. بيْنَ ضلعيْهِ خيالاتُ الهمـومْ

وشَهِدْنا اليأسَ أسراباً تطـيرْ .. فوق متنيْهِ كعِقبانٍ وبُــومْ

وشرِبنا السُّقمَ منْ ماءِ الغديرْ .. وأكلْنا السُّمَّ منْ فِجِّ الكرومْ

ولبسْنا الصَّبْرَ ثوْباً فالتهَـبْ .. فـغدوْنا نتردَّى بالرَّمَــادْ

وافترشْناهُ وِساداً فانقَلـبْ .. عنـدما نمْنا هشيماً وقَتَـادْ

***
يا بلاداً حُجِّبَـتْ منْذُ الأزَلْ .. كيفَ نرْجوكِ ومنْ أيْنَ السَّبيلْ

أيُّ قَفْرٍ دونهــا؟ أيُّ جبَلْ .. سورُها العالي؟ ومنْ منَّا الدَّليلْ؟

أسرابٌ أنتِ؟ أمْ أنْتِ الأمَلْ؟ .. في نفـوسٍ تتمنَّى المستـحيلْ؟

أمَنامٌ يتهادى في القلــوبْ .. فإذا ما اسْتيْقَظَتْ ولَّى المنـامْ؟

أمْ غيومٌ طُفْنَ في شمْسِ الغروبْ .. قبلَ أنْ يغْرقْنَ في بحْرِ الظلامْ؟

***
يا بِلادَ الفِكْرِ يا مهْدَ الأُلى .. عَبَدوا الحقَّ، وصلُّوا للجمَالْ

ما طلبْناكِ بركْبٍ أوْعلى .. متْنِ سُفْنٍ، أوْ بخيْلٍ ورِجالْ

لسْتِ في الشرقِ ولا الغرْبِ ولا .. في جنوبِ الأرْضِ أوْ نحْوَ الشِّمالْ

لسْتِ في الجَوِّ ولا تحْتَ البِحارْ .. لسْتِ في السَّهْلِ ولا الوعْرِ الحَرِجْ

أنتِ في الأرواحِ أنْوارٌ ونارْ .. أنتِ في صدْري فؤادٌ يخْتلِجْ

=========================